مَن الذي يمسك السماء والأرض؟
من رحمة الله بنا أن النيازك تحيط بنا من كل جانب وعلى الرغم من ذلك لا يحدث أي تصادم، والقوانين التي سخرها الله تساهم في هذا النظام المحكم، لنقرأ....
الدراسة العلمية
قال علماء فلك إن أحد النيازك يمارس لعبة القط والفأر مع الأرض بمشاركتها نفس المدار حول الشمس. وأوضح العلماء أن النيزك مرة يسبق الأرض ومرة أخرى يتخلّف عنها في سباق حول الشمس إلا أنه من المستبعد أن يحدث تصادم بينهما. وقال باول كوداس الباحث في مختبر جت بروبلشن والذي يقوم بدراسة النيازك: هذا أكثر مدارات النيازك إثارة شاهدناه حتى الآن.
ويطلق على النيزك 2002 AA29 حيث يلتزم بنفس المدار الذي تتخذه الأرض حول الشمس. وقال دوداس أن النيزك كان يدور بسرعة منخفضة عن سرعة الأرض لعدة عقود إلى أن لحقت الأرض به. وأضاف: هذا الأسبوع تصبح المسافة بين النيزك والأرض هي الأقرب منذ 95 عام.
ومضى يقول أن جاذبية الأرض خلال هذه الفترة ستعمل على خفض مدار النيزك مما يجعله يدور بسرعة أكثر من الأرض. ونقلت وكالة AP عن العالم الفلكي قوله أن هذه العملية ستتكرر كل 95 عاماً مرة تتقدم الأرض ومرة يتقدم فيها النيزك إلا أنه من المستحيل أن يتصادم الاثنان.
عندما نخرج إلى الفضاء الخارجي نرى عالماً مختلفاً مليئاً بالعنف والحجارة والنيازك والغبار والحصى والدخان... وجميعها يمسكها الله ليس بيده (تعالى الله عن ذلك) فالله ليس كمثله شيء، ولكن يمسكها من خلال القوانين التي خلقها وسخرها لحفظ الكون من التصادم والزوال، وربما ندرك معنى قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [فاطر: 45]. وقد أخطأ بعض الملحدين عندما فهم من هذه الآية أن الله يشبه إنسان يمسك السماء والأرض، ونقول إن الله تعالى أكبر من ذلك فهو خالق كل شيء، وإمساكه للسماء والأرض يعني أنه هيَّأ لها قوانين فيزيائية وكونية تسير بنظام محكم، وتحافظ على استقرار الكون، وهذا دليل على وحدانية الخالق تبارك وتعالى، ولو كان في الكون إلهين لاختل النظام الكوني، يقول تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) [الأنبياء: 22].
الإشارات القرآنية
من خلال هذه الدراسة يتبيَّن لنا أن هذا النيزك يسلك المدار نفسه حول الشمس، هذا المدار خاص بكوكبنا ولو حدث أي خلل في القوانين الفيزيائية الصارمة التي تحكم حركة الأرض والنيزك، لو حدث مثل هذا الخلل لأدى ذلك إلى تصادم رهيب قد يدمر الحياة على الأرض. ولو تأملنا دراسات سابقة نرى بأن ملايين الأحجار النيزكية تسبح في الفضاء حول الشمس، وقد تقترب من الأرض تارة وتبتعد تارة أخرى، ولكن لا يحدث أي تصادم.
إن هذا الأمر يدعونا لنحمد الله تعالى الذي أعطانا هذه النعم وقال: (وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) [إبراهيم: 34]. كذلك أكَّد البيان الإلهي على أن كل شيء يسير في الكون بنظام، يقول تعالى: (اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ) [الرعد: 8-9]، وتأملوا عبارة (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ) أي كل شيء يسير بنظام مقدر يضمن استمرار الحياة على ظهر هذا الكوكب.
وهناك أمر مهم وهو أن الله تبارك وتعالى برحمته يمسك السماء بما فيها من كواكب ونجوم ومجرات وأحجار وغبار، كلها يمسكها ويبعد خطرها عنا وقد أودع في هذا الكون القوانين الفيزيائية التي تضمن ذلك. يقول تعالى: (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحج: 65]. فالله تعالى يمسك السماء بأجزائها وما تحويه من مخلوقات فلا يصلنا أي ضرر منها، بل إن الغلاف الجوي للأرض خلقه الله ليكون سقفاً نحتمي تحته ويقينا شر هذه الأحجار والنيازك، يقول تعالى: (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ) [الأنبياء: 32].